حياة عضو ممتاز
عدد المساهمات : 31
نقاط : 61 تاريخ الميلاد : 22/12/1989 تاريخ التسجيل : 18/12/2010 العمر : 34
| موضوع: التسبيح وآثارة في النفوس الجمعة ديسمبر 24, 2010 12:31 pm | |
| التسبيح ومعناه وأثره في تهذيب النفوس وكمال العقول
التسبيح : لغة وشرعاً هو التنزيه وهو معنى ما ورد في آيات كثيرة من القرآن الكريم كقوله تعالى : (يسبح لله ما في السماوات وما في الأرض له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير) التغابن 1 . وقوله تعالى ( يسبح لله ما في السماوات وما في الأرض الملك القدوس العزيز الحكيم ) الجمعة 1 وقوله تعالى ( سبح لله ما في السماوات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم) الحشر 1 والصف1 وقوله تعالى ( سبح اسم ربك الأعلى ) الأعلى 1 وقوله تعالى ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً ) الإسراء 1 وقوله تعالى ( تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليماً غفوراً ) الإسراء 44 إلى غير ذلك من الآيات القرآنية التي عبرت عن تنـزيه الله تعالى عن صفات الأمكان والحدوث والسببية بكلمة : ( سبح) ؛ أو ( يسبح ) ؛ أو ( سبحان) . وكلمة : سبحان ؛ اسم لمصدر التسبيح ، لأن كل فعل رباعي على وزن فعل - بتشديد العين - يأتي مصدره على وزن تفعيل ؛ مثل كلمة كليما ً، وعلم تعليما ً، وهذب تهذيبا ً، وهكذا ، فمصدر سبح هو : تسبيح ، لا سبحان ، وتكون كلمة ( سبحان ) اسم لهذا المصدر . كما تكون منصوبة بالفتحة الظاهرةعلى النون على أنها مفعول مطلق من فعل محذوف تقديره سبح أو اسبح سبحان الله . كما أن كلمة ( سبحان ) لا تستعمل إلا مضافة إلى اسم ؛ سواء كان الاسم لفظ الجلالة كقولك : سبحان الله ؛ أو إلى ما يدل على الخالق ويختص به كقولك : سبحان رب السماوات والأرض ؛ أو سبحان ربي ؛ أو سبحان ربنا . أو مضافة إلى ضمير يرجع إلى الخالق المتعال كقولك : سبحانك اللهم ؛ أو سبحانه وتعالى . ولكن كلمة - سبحان - صارت من الكلمات المختصة في استعمالها مع أسماء الله تعالى ولا يصح ولا يجوزاستعمالها في غير الله تعالى . ولا شك في أن ( التسبيح ) هو تنزيه الله تعالى عن النقائص ؛ كالشرك والظلم والاحتياج إلى مكان أو زمان ، وبعبارة أشمل وأجمع هو تنزيه الله تعالى عن سائر صفات الممكن والحادث .
تسبيح الموجودات حتى الجمادات وهذا المعنى هو المقصود والمراد من تسبيح سائر الموجودات التي أوجدها الله تعالى سواء كانت ممن يعقل كالملائكة والإنسان أو كانت من الحيوانات ،أو كانت من النباتات أو كانت من الجمادات . فكل موجود محتاج في وجوده إلى مِوُجد ، وكل ممكن مفتقر إلى واجب الوجود ، وكل حادث لم يحدث ولن يحدث إلا بفيض الوجود عليه من الخالق المتعال . فتسبيح الموجودات حتى الجمادات هو افتقارها إلى خالقها ؛ وهو معني تنزيه الخالق عن صفات الحاجة والأمكان والحدوث ؛ وهو المقصود من قوله تعالى ( وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم ) الإسراء44 هذا هو ما قاله الحكماء والفلاسفة وقاله المتكلمون أيضاً وإن ذهب بعضهم إلى أن كل شيء له تسبيح في القول حتى الجمادات ولكن لا كقولنا وتعبيرنا ، وهو معنى : ( لا تفقهون تسبيحهم) . واستدلوا على ذلك بمعجزة تسبيح الحصى في كف الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم كما ذكر ذلك الماوردي في كتابه أعلام النبوة : من أن مكرزا العامري أتاه فقال هل عندك من برهان نعرف به أنك رسول الله صلى الله عليه سلم فدعا صلى الله عليه وسلم بتسع حصيات فسبحن في يده فسمع نغماتها من جوفها . وقد أشار إلى ذلك الحلّبي في معجزة - تسبيح الحصى - في سيرته ج3ص319 كما أن كثيراً من المتكلمين ذكروا معجزة نطق الجمادات واستدلوا عليه بما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إني لأعرف حجراً بمكة كان يسلم علي قبل أن أبعث إني لأعرفه الآن . وقالوا أنه هو الحجر الأسود . وبما روى عن أمير المؤمنين على رضى الله عنه أنه قال : كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم بمكة فخرجنا في بعض نواحيها فما استقبله جبل ولا شجر إلا وهو يقول : السلام عليك يا رسول الله . ذكر ذلك جملة من الرواة والمؤرخين وعلى كل حال فإن التسبيح في الجمادات وسائر المخلوقات حاصل ومتحقق ، إذ هو اعتراف كل موجود بخالقه وهو تسبيح وتنزيه منها للخالق المتعال عن سائر صفات النقص والحاجة والحدوث والإمكان ، سواء كان تسبيحها باللفظ والمقال على اختلاف أقوالها ونطقها أو كان تسبيحها بالواقع والحال فمعنى التسبيح : هو تنزيه الخالق المتعالى ذاتاً وصفات وأفعالاً من كل ما ينافي وجوب وجوده وتوحيده في الذات والصفات والأفعال . لذا اهتم الشارع المقدس بجعل التسبيح في الصلوات فيقول المصلي في ركوعه : سبحان ربي العظيم ؛ وفي سجوده : سبحان ربي الأعلى ؛ وفي ما زاد يقرأ التسبيحات مثل : سبحان الله ، والحمد لله ، ولاإله إلا الله ، والله أكبر . و سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم . كل ذلك لتوجيه المسلمين والمؤمنين بل سائرالناس إلى توحيد الله تعالى بأعلى مراتب التوحيد وتنزيهه عن سائر صفات النقص والإمكان والحدوث . ويكفي في فضل التسبيح - الذي ورد في كثير من الآيات والأحاديث - هذه الآيات الكريمة فى قوله تعالى : ( وإن يونس لمن المرسلين * إذ أبق إلى الفلك المشحون * فساهم فكان من المدحضين * فالتقمه الحوت وهو مليم * فلولا أنه كانمن المسبحين * للبث في بطنه إلى يوم يبعثون ) الصافات 144:139
فإن يونس النبي عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام -أبق - أي فر وانهزم - من قومه إلى السفينة خشية نزول العذاب عليهم وهو بين ظهرانيهم وصعد في السفينة المملوءة والمشحونة بالناس فأشرفت السفينة على الغرق فقالوا - لنطرح واحداً منا في البحر كي تنجوالسفينة وقرروا استعمال السهام للقرعة ، فساهم يونس عليه السلام معهم فخرجت السهام عليه ثلاث مرات ، فألقوه في البحر وقيل - هوألقى نفسه في البحر ، فالتقمه وابتلعه الحوت في حالة كان ملوماً على الفرار من قومه، فأوحى الله تعالى إلى الحوت : أني لم أجعل عبدي رزقاً لك ، وإنما جعلت بطنك مسجداً له ، فبقى في بطن الحوت بإعجاز من الله تعالى وقدرته ثلاث أيام وقيل أكثر - إلى أربعين يوماً ثم أخرجه الله تعالى من بطن الحوت وأرسله
إلى أهل نينوى في الموصل. فكان إخراجه حياً من بطن الحوت وعدم لبثه فيها إلى يوم القيامة بسبب تسبيحه لله تعالى وتقديسه وتنزيهه له من صفات الحدوث والإمكان والحاجة .
وفى الختام إليكم هذه الفتوى المفيدة للشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك "جزاه الله خيرا ً " السؤال : أكتب إليكم عن موضوع أرى نقصاً في فهمه لدى كثير من المسلمين، وهو معنى التسبيح والحمد، فالأغلبية تفهم التسبيح بمعنى التعظيم والإجلال، بينما المعنى الحقيقي هو التنزيه والتقديس عن أي نقص وأي عيب، كذلك بالنسبة للحمد، فالمعنى المعروف هو شكر النعمة، بينما المعنى الحقيقي هو الثناء على الله، فأرجو منكم أن تعملوا على التنبيه على هذا النقص وتصحيح فهم الناس لهذه الكلمات التي تقال عشرات المرات في اليوم.
الإجابة والفتوى : الحمد لله، التسبيح هو: أن يقول المسلم: "سبحان الله"، وألفاظ التسبيح متعددة متنوعة، ومعناه كما ذكر السائل هو: التنزيه عن النقائص والعيوب، فإذا قال العبد: "سبحان الله"، أي: تنزيهاً لله، عن كل نقص وعيب، عن الشريك والولد والصاحبة وغير ذلك، مما نسبه إليه الجاهلون والمفترون كما قال تعالى: {سبحانه وتعالى عما يقولون علواً كبيراً} الإسراء:43 ، ولكن لا ريب أن التسبيح نوع من التعظيم؛ لأنه مدح في نفي النقائص والعيوب، ولهذا جاء في ألفاظ التسبيح سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم. وأما الحمد فهو قول العبد: "الحمد لله"، وقد حمد الله نفسه وعلَّم عباده ليحمدوه، وأمرهم بحمده: {وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولداً} الإسراء: 111، وهو كما قال السائل إن معناه: الثناء على الله لصفات كماله، أي: أنه تعالى له الحمد كله؛ لأنه الموصوف بجميع المحامد، فله الحمد على ما له من الأسماء والصفات، وخلق المخلوقات، والشكر نوع من الحمد، وقد قال بعض أهل العلم أن الحمد والشكر معناهما واحد والصواب: أن الشكر يختص بما كان في مقابل نعمة، والحمد أعم من ذلك يكون في مقابل النعمة وغيرها، فله الحمد سبحانه وتعالى على كل حال على السراء والضراء والعطاء والمنع، وله الحمد على كل أقداره وعلى كل شرائعه فله الحمد على خلقه وأمره: {ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين} الأعراف:54، وعلى هذا فلا يُخطَّأ ولا يُعنَّف على من قال: إن التسبيح تعظيم؛ لأنه نوع منه، أو قال: الحمد شكر؛ لأن الشكر نوع من الحمد. والله أعلم منقوووووووول | |
|