fofo عضو نشيط
عدد المساهمات : 103
نقاط : 243 تاريخ الميلاد : 23/07/1989 تاريخ التسجيل : 28/09/2010 العمر : 35
| موضوع: علم النفس والتربية الإجتماعية الأحد يناير 16, 2011 5:01 am | |
| ففلسفات الأخلاق، ونظريات علم النفس والتربية والاجتماع ومنطلقات التفكير الفلسفي المادية للحياة التي شادت هذه الحضارات كيانها عليها، تختلف اختلافاً كلياً بنظرتها وفلسفتها وتفسيرها وتقويمها للحياة والانسان، عن وجهة النظر الاسلامية، وعن الاُسس والمنطلقات الفكرية والفلسفية العامة التي يؤمن بها الاسلام، ويعمل على بناء الانسان بوحي منها، وعلى أساس من توجيهها. لذا فإنه لابد من الانتباه هنا إلى أن تخطيط التربية وإقامة مناهجها على أساس الوعي والمنهج الاسلامي ليس معناه هو حفظ النصوص الاسلامية، أو زيادة عدد حصص التربية الاسلامية، أو توسيع مادتها المقررة ـ وإن كان ذلك نافعاً ـ ، بل إن في حصر التربية الاسلامية في كتاب.. وفهمها بأنها مجموعة من الثقافة والمعرفة الاسلامية في مجال الأخلاق والعقيدة والسيرة والعبادات، هو الخطأ وسوء الفهم لمعنى التربية من جهة، ولمنهج الاسلام وهدفه التربوي في الحياة من جهة اُخرى ، لأن معنى التربية الاسلامية ـ وكما قدّمنا ـ هو بناء الانسان ـ سواء في المدرسة، أو البيت، أو في المجتمع ـ على أُسس اسلامية ومنهج إسلامي متكامل. فالمعارف وفلسفة العلوم والثقافة وطريقة الحياة والعلاقات، داخل البيت والمدرسة والجامعة يجب أن تبنى وتقام على أُسس إسلامية نقية بحيث تشع منها الروح الاسلامية، وتظهر في كل مادة، وتوجيه، وموقف. فللاسلام رأيه في تفسير المجتمع والتاريخ ونشوء الكون والحياة، ومذهبه في تفسير السلوك والأخلاق، ومنهجه في السياسة والاقتصاد والاجتماع والثقافة والفنون والتشريع والتقنين، وقواعده وأُصوله ومصادره...الخ، لذلك فإن الأفكار والنظريات والموضوعات والمواد الدراسية ـ ابتداء من رياض الاطفال، وحتى أعلى مراحل الدراسة والتخصص ـ وكذلك وسائل الاعلام والتوجيه الثقافي في المجتمع، يجب أن تخضع في فلسفتها العامة، وأهدافها ومحتواها إلى منهج الاسلام ونظرته وفلسفته العامة بحيث تتجه جميعها، وتتظافر بكامل برامجها نحو بناء وتربية الفرد المسلم، والاُمة المسلمة، والحضارة المسلمة. فرسالة الاسلام هي رسالة الاعداد والتربية والبناء الانساني القويم، فهي تستهدف بكل خطوة وفكرة وتشريع بناء الذات والكيان الانساني، وتنمية كامل عناصره وقواه الخيّرة وتنقيح سلوكه وشخصيته، بحذف وتصحيح كل اتجاه سلبي يظهر على شخصية الانسان وحياته. وما كان الاسلام رسالة تربوية إلاّ لأنه رسالة عمل وبناء فعلي ، فليس في منهج الاسلام أفكار ولا نظريات جدلية مجردة، وليس من خطته أن يلقي بالوصايا والمواعظ والارشادات العائمة، التي لا تجد لها مجالاً في حيز التطبيق. فهو يرى في الفكر والمعرفة التي يقدمها للانسان دليل عمل، ومنهج حياة، وتصميم بناء انساني متكامل. وقد شَرَعَ مربي الانسانية، ورسول الهداية محمد(صلى الله عليه وآله) بتربية جيل فذّ فريد، ما عرف الفصل بين العلم والعمل، أو التفريق بين الفكر والممارسة؛ فقد كان الرسول (صلى الله عليه وآله) يربي أصحابه، ويروّضهم على العمل والتطبيق كلما اُلقي إليه شيء من القرآن الكريم. فقد روى عثمان بن مظعون وابن مسعود واُبيّ: (أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يُقرِئُهم العشر(3)، فلا يجاوزونها إلى عشر أُخرى حتى يعلموا ما فيها من العمل فيعلمهم القرآن والعمل جميعاً)(4). وعن أبي عبد الرحمن السلمي قال: (حدثنا من كان يقرئُنا من الصحابة أنهم كانوا يأخذون من رسول الله (صلى الله عليه وآله) عشر آيات فلا يأخذون في العشر الاُخرى حتى يعلموا ما في هذه من العلم والعمل)(5). فعلى هذا المنهج كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يسير ويبني الفرد المسلم، والمجتمع المسلم، خطوة فخطوة، ومرحلة فمرحلة. ولقد كان المسلمون يجدون في رسول الله (صلى الله عليه وآله) النموذج الحي للعقيدة والرسالة فهو أول العاملين، وقدوة المطبقين، فقد أُعِدَّ ورُبّيَ تربية إلهية كاملة عبّر هو نفسه عنها بقوله: (أدَّبني ربّي فأحسنَ تأديبي). ليكون النموذج الانساني الأعلى، والرسالة الحية الناطقة. لذلك كانت سُنته تشريعاً، وحياته قانوناً. وقد وصف القرآن الكريم هذه الصورة الانسانية الفذّة بقوله: { وإنّكَ لعلى خُلقٍ عظيم }.(القلم/4) فلذلك وجّه القرآن الكريم اهتمام البشرية وأنظارها للاقتداء بسلوك الرسول والالتزام بمنهج حياته: { لقدْ كانَ لكُمْ في رسولِ اللهِ أُسوةٌ حَسَنةٌ لِمَنْ كانَ يرجو اللهَ واليومَ الآخرَ وذكرَ اللهَ كثيراً }. (الأحزاب/21) فعلى هدى هذه المبادئ والاُسس بنى الجيل الرائد حياته، وبوحي من هذه الارشادات تحدّث أئمة أهل البيت(ع)؛ فقد روي عن الامام جعفر الصادق(عليه السلام) أنه قال: (الايمان لا يكون إلا بعمل، والعمل منه، ولا يثبت الايمان إلا بالعمل)(6). فعلى هذه المبادئ والاُسس أيضاً يجب أن يربي الانسان المسلم نفسه، ويعد أبناءه وأُسرته. وتمارس الدولة والمؤسسات الاصلاحية والتغييرية في المجتمع مسؤولياتها التربوية.
م/ن | |
|