abdellah المدير العام
عدد المساهمات : 305
نقاط : 780 تاريخ الميلاد : 01/01/1962 تاريخ التسجيل : 10/09/2010 العمر : 62 الموقع : أحلى كلام
| موضوع: تصدق ولو بالقليل الإثنين يوليو 30, 2012 10:37 am | |
|
لا تحقرن من المعروف شيئاً
(لا تحقرن من المعروف شيئاً) ، تصدق وإن كان المال قليلاً وأخرج ما عندك، فالله تبارك وتعالى يربيها لك، وقد كان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يتصدق على من يقابله بالسكر، كان يحمل قطعة سكر في جيبه ويتصدق بها، فسُئِلَ عن ذلك فقال: قال الله عز وجل: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران:92] ، وأنا أحب السكر.
وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يتصدق بحبات العنب، فَيُسأل: وما تغني حبة عنب، فإنها لا تشبع ولا تروي ظمأ ظامئ؟ فيقول: (إن فيها مثاقيل كثيرة، قال الله عز وجل: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه} [الزلزلة:7] ) والذرة لا ترى بالعين المجردة، فلو فعلت مثقال ذرة خيراً لوجدته، فما بالك بحبة عنب! فإن فيها مثاقيل كثيرة.
ويروى أن السيدة عائشة رضي الله عنها كانت تعطر الدنانير والدراهم قبل أن تتصدق بها، فتسأل عن ذلك؟ فتقول: إنني أضعها في يد الله تبارك وتعالى قبل أن تصل إلى يد المسكين.
لقد أدبنا الله تبارك وتعالى أدباً آخر، فقال تعالى: {وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ} [البقرة:267] ، فإذا كان لديك تمر، أو أي شيء تريد أن تتصدق به، فإياك أن تتصدق بالرديء منه، مثلاً: بعض الناس لديه قميص ثمنه تسعون جنيهاً، ثم وهو يكويه كانت المكواة حارة فخرقته، فجاءني وقال: خذ هذا وتصدق به على مسكين، مع أنه لو لم يحرق هذا القميص لما خطر على باله أن يتصدق به، إذاً {وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ} [البقرة:267] ، فإنك لو كنت في مكان ذلك المسكين وجاءك رجلٌ بمثل هذا الرديء لما أخذته إلا على إغماض، لأنه رديء، قال تعالى: {وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ} [البقرة:267] .
فلا يجوز للمرء أن يعمد إلى الشيء الرديء ثم يتصدق به، إنما يتصدق بأجود ما عنده لماذا؟ لأنه يضع هذه الصدقة في يد الله تبارك وتعالى قبل أن تصل إلى يد المسكين.
أورق بخيرٍ تؤمل للجزيل فما ترجى الثمار إذا لم يورق العود إن الكريم ليخفي عنك عسرته حتى تراه غنياً وهو مجهود بث النوال ولا تمنعك قلته فكلما سد فقراً فهو محمود وللبخيل على أمواله عللٌ زرق العيون عليها أوجهٌ سود وقال آخر: أضاحك ضيفي قبل إنزال رحله ويخصب عندي والمحل جديب وما الخصب للأضياف أن تكثر القرى ولكنما وجه الكريم خصيب إن الكثيرين يستقلون ما لديهم من المال فيمنعونه، والقليل خيرٌ من العدم، وفي الحديث: {لا تحقرنَّ جارةٌ لجارتها ولو فرسن شاةٍ} وفي حديث آخر: {ولو بظلف محرق} وفي حديث ثالث: {ولو بشق تمرة} إنه جهد المقل، وقد {سبق درهمٌ ألف درهم} بل الحرقة منك وفي قلبك تكفينا إذا لم تجد غيرها.
والله مدح المؤمنين -أو بعضهم- من الفقراء والمعدمين بقوله: {وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ} [التوبة:92] ولقد أثنى الله عليهم في القرآن بدموعهم التي أراقوها، لأنهم لم يجدوا ما ينفقون، فإن وجدت مالاً فتصدق، وإن لم تجد فتكفينا دموعك، فهي دموع صادقة إن شاء الله، وربما تدخل الجنة وسوف تجد هذه الدموع في ميزان حسناتك يوم القيامة.
أيها الأخ الكريم: إنك تتعذر منا بأنه ليس عندك مال.
لا خيل عندك تهديها ولا مال فليسعد النطق إن لم تسعد الحال وأنا لي معك حديثٌ في الأسبوع القادم، حديث ذو شجون، وقد جعلت عنوانه: دلوني على سوق المدينة، سوف أتحدث وأدلك على طرق كثر أنت غافلٌ عنها، وأزيل عنك الغشاوة في أمور كثيرة.
إنه لا يجوز أبداً أن يكون أهل الإسلام وأولياؤه ودعاته وشباب الصحوة كلهم فقراء محتاجين، لقد رأيتك أيها الأخ الكريم مراراً، وأنت قادمٌ علي، فأيقنت أنك قادمٌ بعطاء سخي لإخوانك هنا أو هناك، فإذا بك تحمل أوراقاً تطلب فيها مساعدةً في سداد دين، أو تفريج كرب ألم بك، وأنت معذورٌ ربما، ولكن نريد منك أن تسعى إلى تغيير حالك وحال غيرك بقدر المستطاع.
فضل النفقة على العيال
في الحديث القدسي الذي رواه البخاري مرفوعاً: (من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب) ، وقال الحديث: (وما تقرب إليّ عبدي بشيءٍ أحبّ إليّ مما افترضته عليه) إذاً فعلك لهذا الواجب هو أحبُّ شيءٍ تتقرب به إلى الله عز وجل، إن أردت أن تتقرب تقرب بما افترض عليك، أما النافلة فتقتضي زيادة الحب، (ولا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه) .
لو أردنا أن نقرب هذا المعنى نذكر مثالاً -ولله المثل الأعلى- فنقول: لو كان لك خادم كلما أمرته بشيء امتثل، ولا يقول: لا، ولا يشكو عجزاً هذا -بلا شك- يكون محبوباً لديك، فإن علم هذا الخادم -بذكائه ومعاشرته لك- أنك تحب النظافة اليومية، وأنك تحب أن تقص الشجر، أو تقطف الورود ففعل هذا بغير أن تأمره، ألا تزداد له حباً؟ تزداد له حباً بطبيعة الحال.
وكذلك الله تبارك وتعالى عندما تتقرب إليه بما فرضه عليك فهذا أحبُّ شيء إليه عزوجل، فإن زدت ذلك نافلة من عندك زاد حبه لك، صح عند النسائي وغيره، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (إن الله ليضحك إلى العبد يكون النوم أحب شيء إليه، ثم يقوم يتملق ربه بركعتين) كل أمنيته أن يصل إلى فراشه من شدة التعب، ولكن توضأ ووقف بين يدي الله عز وجل يتملق -تأمل هذا اللفظ- يتملق ربه بركعتين، فالله تبارك وتعالى يضحك لمثل هذا العبد.
النفقة على العيال واجبة، لذلك لا يجوز أن تخرج الزكاة للأصول أو للفروع، لا يجوز أن تعطي زكاة مالك لأبيك وأمك ولا لأولادك لماذا؟ لأن لهم نفقة واجبة عليك، وإذا قصر الرجل في هذا الواجب فقد أباح النبي صلى الله عليه وآله وسلم لـ هند بنت عتبة كما في حديث عائشة في الصحيحين، قالت: (يا رسول الله! إن أبا سفيان رجل شحيح، فهل علي أن آخذ من ماله بغير إذنه؟ قال لها: خذي ما يكفيك وبنيك بالمعروف) ، لو قصر رجل في هذا الواجب يؤخذ منه عنوة؛ لأنه واجب عليه، والنبي عليه الصلاة والسلام لما أباح لها أن تأخذ حقها المفروض على زوجها أن يؤديه إليها، قال لها: (بالمعروف) هذه الكلمة مهمة جداً؛ لأنه لا يجوز للزوجة أن تتوسع في الأخذ من مال زوجها لتنفق على شهواتها، هذا ليس من المعروف، وهناك من يفسر كلمة (المعروف) بالعُرف، أي ما يتعارف الناس عليه في البيوت، وصار شيئاً ضرورياً في البيت، حتى وإن كانت الحاجة إليه ليست ماسة، قال: يجوز للزوجة أن تأخذ حتى تحقق هذا، أي العرف، وهو ما تعارفوا عليه، ولكن هذا ضعيف؛ لأنه قد يتعارف الناس في بيئة من البيئات على شيء من الترف تمضي حياة المرء بدونه، فلا يجوز إذن للزوجة أن تتوسع وأن تأخذ ما تشتهي، إنما (خذي ما يكفيك وبنيك بالمعروف) فيفهم من هذا: ما يقيم صلبها وصلب أولادها.
ويحكى أن رجلا لا يملك الكثير من المال، ويعمل في صنعة ما، فجمع أجره كله وذهب ليعتمر، وترك أهله دون أن يعطيهم شيئاً، وكان هذا في العشر الأواخر من رمضان، والعيد اقترب، والنفقات في رمضان بوجه عام تزداد، فهذا الرجل ما ترك شيئاً لأهله ولا لأولاده وذهب ليعتمر! فأخبروني -بالله عليكم- أهذا تصرف يرضاه الشارع الحكيم؟! الجواب
لا؛ لأنه ذهب إلى سنة مستحبة له، وقد سبق له أن اعتمر، وسبق له أن حج، وضيع واجباً وراءه.
كذلك حدث أن رجلاً خرج أربعين يوماً وترك أهله؛ وهو صاحب محل، فمعنى أن يخرج أربعين يوماً أي أنه أغلق المحل، وأثناء ذلك مرض ولده فأرسلوا إليه: إن ولدك مريض.
فقال الأب: أنا آسف! لن أقطع هذا الخروج.
قاد ولده السيارة من بيته إلى المستشفى وهو مريض، ودخل المستشفى، وكانت أمه ترافقه، ومات بالمستشفى، فأرسلوا إليه إن ولدك مات، فقال: لا أقطع الخروج! ضيع أولاده وراءه، ما ترك لهم شيئاً من المال ينفقونه، لو سلمنا أن هذا الخروج مستحب -مع كونه بدعة كما صرح بذلك أهل العلم- وتعارض مع فرض، فلا شك عند المبتدئين من طلبة العلم أنه يقدم أقواهما عند التعارض، فيقدم هذا الفرض وهو الإنفاق على العيال، لكن كثيراً من أولئك يقودهم الجهل بالنصوص الشرعية إلى مثل هذه التصرفات.
النفقة على العيال واجبة، وذلك الرجل صاحب البستان إنما نال كرامة السحاب المليء بالماء، ويقيض من ينادي في هذا السحاب أن اسق أرض فلان، فيسميه باسمه، لأنه عادل؛ فقد قسم ماله إلى ثلاثة أجزاء بالعدل: ثلث لأولاده، وثلث يتصدق به، وثلث يرده في باطن الأرض، حتى ينبت هذا الحب مرة أخرى فيتمكن من القيام بهذا الواجب، والقيام بحق الفقراء والمساكين من الصدقة.
وفي صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (كفى بالمرء إثماً أن يحبس عمن يملك قوته) ، وفي لفظ أبي داود (كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يعول) أي: حسبه هذا الإثم، إن كان يريد أن يستزيد من الآثام حسبه أن يضيع من يعول، فهذا مما يدل على إثم تضييع الأولاد، والفضل في النفقة عليهم، وأن هذا من أفضل القربات عند الله عز وجل أن ينفذ الإنسان ما أمر به، ويكون واجباً عليه، أي فرضاً.
قال صلى الله عليه وسلم: (كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت) ، وفي رواية: (أن يضيع من يعول) ، وفي مسلم: (كفى بالمرء إثماً أن يحبس عمن يملك قوته) وكلمة (كفى إثماً) تدل على عظم هذا الإثم، أي: يكفيه من الإثم أن يضيع زوجته وأولاده، أن يضيع من يقوت، فلا يجوز أن تحبس النفقة عن الأولاد لأن الأولاد ليست لهم زكاة لماذا منعك الشارع أن تعطي الزكاة لأولادك أو لأبيك وأمك؟ فلا يجوز أن تعطي الزكاة للأصول ولا للفروع، فوالدك لا يجوز لك أن تعطي له الزكاة؛ لأن له نفقةً واجبة عليك، وكذلك أولادك لهم عليك نفقةٌ واجبة، فلا يجوز أن تضيع أولاك، بل إنك تتعبد الله تبارك وتعالى بإطعام أولادك.
إن كثيراً من الناس يبخل على أهله وأولاده، ولا أدري الذي يبخل على أهله وأولاده سيكرم من؟ فإذا كان أخص الناس به يعانون من المجاعة وهو حاتم الطائي خارج بيته!! هناك رجلٌ يدخن أكثر من مائة سيجارة في اليوم الواحد، وكان يأخذ الدقيق من بيته فيبيعه ويشتري به شاياً وسكراً، ويأخذ الرز ويبيعه، والزوجة تخرج وتعمل في البيوت، وتتكفف الناس إن باطن الأرض أولى بهذا الرجل من ظاهرها، وحين مات ولده والله لم يوجد في بيته ثمن الكفن!! فانظر إلى أين وصلت التعاسة؟! فكفى بهذا الرجل إثماً أن يضيع من يعول، فضلاً عن الموبقات التي يرتكبها.
فأنت بإنفاقك على أولادك تتعبد الله تبارك وتعالى بذلك، وقد رخص النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة أن تأخذ من مال زوجها بغير إذنه إذا كان بخيلاً، ولا ينفق على البيت.
ففي الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها، قالت: (جاءت هند بنت عتبة -امرأة أبي سفيان - رضي الله عنها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله! إن أبا سفيان رجلٌ شحيح، فهل علي جناحٌ أن آخذ من ماله بغير إذنه؟ فقال صلى الله عليه وسلم: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف) ، فانظر إلى هذا الحكم (إن أبا سفيان رجلٌ شحيح) أي: لا يقوم بالنفقة الواجبة، فهل علي جناحٌ أو إثم أو حرج أن آخذ من ماله بغير إذنه؟ فلم يقل لها: لا، إن هذه خيانة لأن أبا سفيان قصر في الواجب الذي عليه، بل قال لها: (خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف) ، وكلمة (بالمعروف) حتى لا تتمادى الزوجة وتأخذ أكثر من حاجتها، ولو أخذت أكثر من حاجتها فإنها تعتبر خائنة آثمة؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال لها: (خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف) ، والمرأة ربما تجد لها سبباً فتقول: أنا أتمسك بظاهر الحديث (خذي ما يكفيك) ، وأنا لا يكفيني مرتبه ولا مرتب عشرة مثله، أنا محتاجة دائماً، والحديث يقول: (ما يكفيك) .
إن بعض الأزواج -هداهم الله- يترك بيته وأهله بدون نفقة ويخرج، فتقول له المرأة: إلى أين أنت ذاهبٌ وتتركنا؟ وماذا أبقيت لنا؟ - فيقول لها: أبقيت لكم الله ورسوله.
- فتقول: نريد مالاً.
- فيقول لها: يا امرأة! هذا قول أبو بكر الصديق حين أعطى كل ماله للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال له: (ماذا تركت لأهلك؟ قال: تركت لهم الله ورسوله) .
إن هذه كلمة حقٍ لا يراد بها الحق، لا أقول: يراد بها باطل؛ إنما أقول: لا يراد بها الحق، فقد وضعت في غير موضعها.
فإن هذا الرجل لا يذهب بماله إلى شيء واجب ولا مستحب ولا مباح، بل قد يكون شيئاً محرماً، أما أبو بكر الصديق فإلى أين لما أخذ ماله؟ أليس لتأسيس اللبنة الأولى من هذا الدين؟ فأين هذا الإنفاق من ذاك؟ إن الفرق كبير بين إنفاق أبي بكر وإنفاق هذا الرجل.
إن هذا يتركهم ويذهب، يجلس في المسجد يأكل ويشرب ويطبخ ويرجع، مع أن الله تبارك وتعالى قال: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} [طه:132] ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته) ، فليت هؤلاء أول ما يتجهون بالدعوة يتوجهون إلى بيوتهم، وإلى أولادهم، وإلى زوجاتهم، لكنه يدعو في الخارج ويترك أهل بيته يفعلون ما يشاءون، ويظن أن هذه قربة، إنها ليست قربة (كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت) ، ويتركهم أكثر من أربعين يوماً، وقد تكون له رحلة ستة أشهر -مثلاً- إلى بريطانيا أو إلى غيرها، ويدخل البلاد ويدعو إلى الله ادع في بلدك إن كنت من الصادقين، لكنه يقول: انظر إلى الآثار المترتبة على الدعوة هناك، عشرات الذين يؤمنون ويسلمون، فيقال: إن هذا ليس من خصائص المسلمين وحدهم، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الذي رواه البخاري وغيره: (إن الله لينصر هذا الدين بالرجل الفاجر) ، فلا تتصور أن المؤمنين فقط هم الذين يسعون لنصرة هذا الدين، بل إن بعض الفجار مرغمون ومسخرون لنصرته.
فقد يأتي عالم مثلاً ويكتب كتاباً علمياً يهز العالم، ثم تجد له أصلاً في الكتاب والسنة! فكثير من الناس يؤمنون بسبب هذا الحديث أو بسبب تلك الآية، فنصر الله تبارك وتعالى وهذا الدين بهذا الرجل الفاجر.
فالشاهد: أنه لا يجوز للمسلم أن يضيع من يقوت، بل عليه أن يتقرب إلى الله تبارك وتعالى بالنفقة على الأولاد والزوجة.
وهذا الرجل الصالح: كان ينفق الثلث الثاني على أولاده.
ولما كان بعض الناس يستخسرون في صرف الأموال على أهليهم، ويبخلون على زوجاتهم وأولادهم بالصرف جاءت هذه الأحاديث لتبين لك -يا عبد الله! يا أيها المسلم! - أجر الأموال التي تنفقها على أهلك، قال صلى الله عليه وسلم: (ابدأ بنفسك فتصدق عليها، فإن فضل شيء فلأهلك، فإن فضل شيء عن أهلك فلذي قرابتك -من المحتاجين- فإذا فضل عن ذي قرابتك شيءٌ فهكذا وهكذا من الأموال التي تنفق في أوجه الخير) وقال عليه الصلاة والسلام: (ما أطعمت زوجتك فهو لك صدقة، وما أطعمت ولدك فهو لك صدقة، وما أطعمت خادمك فهو لك صدقة، وما أطعمت نفسك فهو لك صدقة) إذا كنت تبتغي وجه الله.
وقال عليه الصلاة والسلام: (ما أعطى الرجل امرأته فهو صدقة) بعض الناس يبخلون على زوجاتهم بالمصروف، يقول لهم عليه الصلاة والسلام: (ما أعطى الرجل امرأته فهو صدقة) ، وقال صلى الله عليه وسلم: (كل ما صنعت إلى أهلك فهو صدقة عليهم) وقال عليه الصلاة والسلام: (نفقة الرجل على أهله صدقة) وقال عليه الصلاة والسلام: (إذا أنفق الرجل على أهله نفقة وهو يحتسبها كانت له صدقة) فاحتسبوا إذاً هذه الأموال التي تنفق على أهاليكم من المصروفات اليومية، مصروف الأكل واللبس والسكن وغيره صدقة.
(أربعة دنانير: دينارٌ أعطيته مسكيناً، ودينارٌ أعطيته في رقبة، ودينارٌ أنفقته في سبيل الله، ودينارٌ أنفقته على أهلك، أفضلها الذي أنفقته على أهلك) رواه البخاري في الأدب المفرد، وهو حديث صحيح.
إن صدقة من مالك صدقة، وإن نفقتك على عيالك صدقة، وإنما تأكل امرأتك من مالك صدقة، وإنك إن تدع أهلك بخير خيرٌ من أن تدعهم يتكففون الناس.
(ما كسب الرجل كسباً أطيب من عمل يده) و (ما أنفق الرجل على نفسه وأهله وولده وخادمه فهو له صدقة) .
فإذاً يا عبد الله! أي دين أعظم من هذا الدين الذي يجعل حاجة الرجل النفسية في الإنفاق على من يعول صدقةً له؟! لكن نحن ننسى الاحتساب عندما ننفق على الأهل، وننسى الاحتساب عندما نشتري المأكولات من السوق، وننسى الاحتساب عندما نشتري ألبسة لأولادنا، وننسى الاحتساب ونحن ندفع إيجار السكن من أجلهم ومن أجلنا، إذا ابتغيت وجه الله فعليك الاحتساب.
أيها المسلمون: الاحتساب: حضور النية عند إخراج المال أن ذلك لوجه الله، وتنفيذاً لحكم شرعي ودرء المفسدة الشرعية الأخوية عن النفس.
(كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يعول) كل هذا صدقة، فإن لم يحصل كل هذا المعروف، يقول عليه الصلاة والسلام: (كف شرك عن الناس فإنها صدقةٌ منك على نفسك) حديث صحيح. | |
|